کد مطلب:239631 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:154

اخفاء کل الحقائق عن الأئمة
و لقد أراد الحكام - لسبب أو لآخر - اخفاء كل الحقائق التی ترتبط بالأئمة الأطهار علیهم السلام، أو تشویهها، فكان لهم ما أرادوا، و وجدوا من العلماء، و الكتاب، و المؤرخین، من لا یألوا جهدا، و لا یدخر وسعا من أجل تنفیذ ارادتهم تلك، التی یرون : أنها ارادة الله



[ صفحه 403]



- حسب عقیدة الجبر التی ابتدعوها - .. حتی انك قد لا تجد فی كثیر من الكتب التاریخیة، حتی اسم الأئمة الأطهار علیهم السلام . فضلا عن شرح أحوالهم، و بیان نشاطاتهم ..

و لیس ذلك لأنهم علیهم السلام كانوا غیر مشهورین، و لا معروفین .. أو لأنهم ممن لا یعتنی بشأنهم، و لا یلتفت الیهم .. لا .. أبدا . فقد كان ذكرهم یسری فی جمیع الآفاق فی الدولة الاسلامیة المترامیة الأطراف : اما حبا و تشیعا، و اما عداء و نصبا ..

و قد ذكر الجاحظ فی رسالته : « فضل هاشم علی عبدشمس » - و هو الكاتب المعروف فی عصره، و بعد عصره .. و حتی الآن، و الذی تعرض فی كتبه لمختلف الموضوعات التی شاع التكلم بها فی زمانه، و منها موضوع رسالته المشار الیها .. و الذی كان یظهر الحیاد فی كتاباته، و ان كان المعتزلة - أهل نحلته - مثل الاسكافی و غیره یتهمونه بالنصب و العداء لأهل البیت علیهم السلام، و مما یدل علی نصبه و تعصبه : أنه قد ألف كتابا فی نقض فضائل الامام أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب (ع) [1] - الجاحظ هذا - یقول فی رسالته المشار الیها :

« .. و من الذین یعد من قریش، أو من غیرهم، ما بعد الطالبیون فی نسق واحد ، كل واحد منهم : عالم، زاهد، ناسك، شجاع، جواد، طاهر، زاك، فمنهم خلفاء، و منهم مرشحون : ابن، ابن، ابن، ابن.. هكذا الی عشرة .. و هم : الحسن بن علی، بن محمد، ابن علی، بن موسی: بن جعفر، بن محمد، بن علی ، بن الحسین، ابن علی . و هذا لم یتفق لبیت من بیوت العرب، و لا من المعجم الخ .. » [2] .



[ صفحه 404]



هذا .. و یجب أن لا یفوتنا هنا : التنبیه علی أن الجاحظ كان فی البصرة، و الامام العسكری (ع) كان فی سامراء، موضوعا تحت الرقابة الشدیدة .

و توفی الجاحظ قبل وفاة العسكری بخمس سنین ..

و قد كان عمره (ع) عندما ألف الجاحظ رسالته فی حدود اثنتین و عشرین سنة، لو فرض ان الجاحظ كان قد ألفها فی آخر یوم من أیام حیاته ..

و لم یكن الامام العسكری اعرف، و لا أشهر من آبائه الطاهرین (ع)، سیما الامام علی، و الحسن، و الصادق، و الرضا علیهم السلام ..

بل كان الأئمة (ع)، بعد الرضا (ع) - مع نباهة شأنهم، و علو أمرهم - یسمون : ب «ابن الرضا»، و ذلك یدل علی أنه (ع) كان أنبه من أبنائه الطاهرین، فكان یقال ذلك - یعنی : ابن الرضا - للجواد، و الهادی بعده، بل و للعسكری أیضا [3] ، و یؤید ذلك قول أبی الغوث، اسلم بن مهوز المنبجی فی دالیته المعروفة، التی یمدح فیها أئمة سامراء علیهم السلام:



اذا ما بلغت الصادقین بنی الرضا

فحسبك من هاد یشیر الی هاد [4] .



نعم .. ان هؤلاء الأئمة، الذین كان یسری ذكرهم فی الآفاق، قد لا تجد حتی أسماءهم فی كثیر من الكتب التاریخیة .. مع أنك تجد ما شاء الله : من قصص المغنین ، و الجواری ، و الاعراب ، بل و حتی قطاع الطرق، مما لا یسمن ، و لا یغنی من جوع ..



[ صفحه 405]



كل ذلك خیانة للحقیقة، و تخلیا عن الأمانة، التی أخذوا علی أنفسهم أداءها للأجیال التی تأتی بعدهم ؛ حیث كان علیهم : أن یصدعوا بالحق، و یظهروا الواقع، مهما كانت الظروف، و أیا كانت الأحوال .. و الا .. فیجب أن لا یتصدوا للكتابة، و یبوؤا باثم الخیانة ..

هذا .. و لم یكن المجال مفسوحا أمام شیعة أهل البیت (ع)، لیتمكنوا من اظهار الحقائق كاملة؛ و ذلك بسبب ملاحقة الحكام لهم ، و محاولات القضاء علیهم أینما كانوا، و حیثما وجدوا، و بأی ثمن كان .. و من قبلهم القضاء علی أئمتهم أئمة الهدی، و قادتهم، القادة الی الحق ..


[1] مروج الذهب ج 3 ص 237.

[2] آثار الجاحظ ص 235.

[3] راجع : قاموس الرجال ج 10 ص 248، و الرسالة التي في آخر ج 11 من قاموس الرجال ص 58.

[4] سفينة البحار ج 2 ص 529، و الكني و الألقاب ج 1 ص 133.